top of page
  • GIHR

كلمة معهد جنيف لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي للقضاء علي العنف ضد المرأة والفتاة

إتحدوا لإنهاء العنف


يوافق اليوم 25 نوفمبر / تشرين الثاني اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة والفتاة الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1999م، ودعت فيه الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم أنشطة في هذا اليوم من كل عام لإشاعة ثقافة ترفض العنف ضد المرأة والفتاة وتحاصره وتحاربه بكافة الوسائل.

وعلى الرغم من أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتخصيص هذا اليوم جاء في عام 1999م إلا أن الاحتفال بهذه المناسبة في هذا اليوم يرجع تاريخه إلى الثمانيات، وترجع قصة اختيار الخامس والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني إلى واقعة مؤسفة وقعت أحداثها عام 1960م بجمهورية الدومنيكان، حيث اغتيلت ثلاث شقيقات هن الأخوات "ميرابال" بطريقة وحشية بناء على أوامر الحاكم الدومينيكي المستبد روفاييل تروخيليو، وقد كن من السياسيات الناشطات في معارضة نظامه، وقد شكل اغتيالهن قاصمة الظهر لنظامه فسقط مقتولا بعد عدة أشهر من وفاتهن.

إن أكثر ما يثير الانتباه في ظاهرة العنف ضد المرأة أنها عابرة لكل شيء فلا يقف أمامها مكان أو زمان، حرب أو سلم، فقر أو غنى، تعليم أو جهل، والتقارير والإحصاءات تشير إلى نسب مخيفة بشأن هذه الظاهرة، وكما أشار الأمين العام للأمم المتحدة اليوم فإن 70% من النساء في العالم يتعرضن لشكل من أشكال العنف في مرحلة ما من مراحل حياتهن! فهل هو قدر المرأة أن تواجه العنف حيثما كانت وأينما كانت؟

إن الوقفة أمام هذه الظاهرة التي يمثلها الاحتفال بهذا اليوم تريد أن تجيب على السؤال السابق بالنفي، فالعنف ضد المرأة يمكن الحد منه بل ويجب الحد منه وذلك بتبني إستراتيجيات قوية لمحاربته أهمها تنقية الثقافات المحلية والعالمية من العوامل التي تغذي هذه الظاهرة ويشمل ذلك القوانين والتشريعات الوطنية والعادات والمعتقدات المحلية والمناهج التعليمية، كما تجب محاربة التحويرات التي تحاول تجيير الأديان والمعتقدات لصالح ثقافة تسمح بالعنف ضد المرأة. وكذلك الإعلام الذي ينمط المرأة ويحصرها في صور وأدوار معينة تغري بتعنيفها.

وعلى منظمات المجتمع المدني المحلية يقع العبء الأكبر في إبراز الأولويات الصحيحة لجبهات العمل فيما يخص هذه الظاهرة فالعنف أشكاله مختلفة ومتلونة ومتعددة، ففي بعض بلاد العالم لا تزال عملية تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة تمارس تحت غطاء من الحماية القانونية والدينية والثقافية، وفي مجتمعات أخرى لا تزال الفتيات القاصرات يزوجن بمباركة شيوخ الدين والمجتمع والقانون، وفي مجتمعات أخرى نجد الاغتصاب جزءا من أسلحة الحرب، وغني عن القول أن كل هذه الأفعال تشكل عنفا ضد المرأة والفتاة وإن اختلفت صوره ومستوياته.

إننا في معهد جنيف لحقوق الإنسان نناشد الكل، أفرادا ومؤسسات، وطنية وإقليمية ودولية لبذل المزيد من الجهد للقضاء على هذه الظاهرة وتخصيص المزيد من الإيرادات لمحاربتها، فعلى الرغم من انتشارها الواسع إلا أن هزيمتها ليست بالمستحيلة شريطة أن تتضافر الجهود وتسلم الإستراتيجيات.

في هذا اليوم من كل عام تنطلق حملة تعرف بحملة الستة عشر يوما للقضاء على العنف ضد المرأة والفتاة تستمر حتى العاشر من ديسمبر الذي يوافق اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وتبدو الفكرة كأنها تريد أن تقول أن تتويج العمل للقضاء على العنف ضد المرأة يتصل بسيادة حقوق الإنسان جميعا، فكان ختام حملة مناهضة العنف ضد المرأة والفتاة هو اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وربما كان ذلك ضمن العمل لترسيخ مقولة أن حقوق المرأة جزء من حقوق الإنسان. هذا وتتنوع الأنشطة التي تمارس خلال هذه الحملة لتصب كلها في تحليل أسباب وأنواع وعواقب العنف ضد المرأة من جميع الزوايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.


إننا في معهد جنيف لحقوق الإنسان نجدد العهد في هذه المناسبة ببذل أقصى الجهود لنشر ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والفتاة على نحو خاص، ونتعهد بتخصيص جزء غير يسير من أنشطتنا لهذا الموضوع الهام عسى أن يسهم ذلك في الحد من هذه الظاهرة التي نأمل أن تختفي نهائيا من عالمنا.


الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قال في رسالته بهذه المناسبة:

"استهداف نصف البشرية بالتمييز والعنف وسوء المعاملة يأتي بتكلفة باهظة. فهو يحدّ من مشاركة النساء والفتيات في جميع مناحي الحياة، وينكر حقوقهن وحرياتهن الأساسية ويعيق الانتعاش الاقتصادي المتساوي والنمو المستدام الذي يحتاجه عالمنا."

ولا يفوتنا في هذا اليوم أن نستلهم شعار الحملة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة بعنوان "اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة والفتاة" فندعو الجميع إلى توحيد الجهود وتنسيقها من أجل أن تنعم نساؤنا وفتياتنا بعالم خال من العنف. وكل عام وجميع النساء والفتيات في أمن وسلام.

bottom of page